جاءت دعوة الإسلام تثبيتًا لقواعد المجتمع على أسس المساواة والعدالة والدعوة إلى الإيمان والعقيدة الصحيحة، ورفعًا لشأن الفرد داخل المجتمع الرشيد وكان للإسلام منهج جليٌّ متفرد بين مناهج الإصلاح قديمها وحديثها, منهج يأخذ بالقلوب فتذعن ملبِّيةً له ولا يغفل العقول المشتاقة إلى المعرفة كذلك، بل يجمع بين تربية العقل على التفكير الناقد وتربية الروح على التطهر من الدنايا، ولا يفصل المنهج الإسلامي بين الدنيا والدين؛ حتى لا يكون الإنسان مترددًا بين نقيضين ترددا يسمه بالانفصام, فقد أوضح الإسلام جماع الأمر في العمل للدارين بإعمارهما كما ينبغي الإعمار، فجاء التشريع موصيًا إيَّاه “أن اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا”.
هذا هو المنهج الإسلامي في التربية، ليس كمثله منهج يقوِّم الأفراد وتقوم على أساسه المجتمعات، وهو المنهج في الإصلاح لما قد يحصل من فساد مؤداه الفرد أو المجتمع، وهو نهج للحياة يستغنى به حين لا يستغنى بغيره، يشهد لذلك صلاحه فيما مضى وما يستجد، كما يشهد له عجز المناهج غيره عن الاستمرار أو الشمول إن كان استمرار.
وهذا كتاب يبيِّن المنهج الإسلامي المتفرِّد لإصلاح المجتمع وتربية أبنائه بما يمكِّن لهم في الدنيا ويعود عليهم في الآخرة، يسوق بين يديه الدليل ويقيم على ما يذهب إليه الحجة البالغة، يروي به القارئ نهمه إلى أصول التربية ومناهج الإصلاح الإسلامية حتى لا تبقى في نفسه حاجة إلى استزادة بعد قراءته.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.